الثقوب السوداء
كتب: عبدالعزيز العريض
أين الثقوب السوداء في الكون؟حيث الذاهب مفقود وحتى الآن لا نعلم إن كان هناك من قادم، سميت بالثقوب السوداء لأنها عبارة عن نقطة تكثف لقوى الجاذبية العالي جداً بحيث تجذب المادة الساقطة بالثقب الأسود وتصبح مأسورة ونفقد القدرة على الإتصال بها،هذا الحدث في منظومة الزمان والمكان (spacetime) معزول عن العلم والكون الخارجي بما يعرف بحلقة أفق الحدث (Event Horizon) أو بوابة الآعودة، عند هذه الحدود لا نعلم ماذا يحصل في مركز هذه المنظومة لذلك يعتقد بوجود نقطة توحد في المركز (Singularity)، لكن ما نستطيع تعريفة هو حجمكتلة هذه الأجسام وإتجاه دوران حلقة أفق الحدث وطبيعة محصلة الشحنة الكهربائية والمجال المغناطيسي للثقوب السوداء المتكون من فعل الدوراني والشحنة الكهربائية.
هنا علينا أن نوصف هذه الأجسام (أي الثقوب السوداء) من خلال مشاهداتنا لها، ولكن هنا كلمة مشاهدة تعتبر مبهمة إن لم تكن غير صحيحة، لأننا لو إستطعنا مشاهدتها لما أطلقنا عليها إسم أجسام أو ثقوب سوداء، إذاً نحن نرى آثار قوة جاذبيتها الشديدة للأجسام من حولها مكونة مراكز جذب للنجوم أو ما يعرف بآبار الجاذبية (Potential Wells)، وكذلك لمعان الحلقة الماصة حول الثقب الأسود وتيارات من الأجسام الأولية المقذوفة، هذا اللمعان الشديد المنبعث بموجات الأشعة السينية الناعمة والقوية (Soft and Hard X-ray) والقذف الكثيف للجسيمات المشحونة والمتكونة بحالة البلازما أو ما يعرف بالحالة الرابعة، هذا هو كل ما يمكننا به تحديد وجود الثقوب السوداء ومواقعه، لكن يجب ذكر أن بعض الثقوب السوداء لا توجد بها حلقة أفق الحدث لصغر حجمها لذلك لا نستطيع التعرف عليها.
المادة من حولنا تكون بأربع حالات وهي الصلبة والسائلة والغازية والبلازما. تكون المادة بحالتها الذرية عندما تكون صلبة أوسائلة أو غازية، أي أن الذرة تتكون من نواة موجبة الشحنة تدور حولها سحابة من الإلكترونات سالبة الشحنة، والنواة تتكون من بروتونات موجبة الشحنة وقد تكون مرتبطة مع نيوترونات عديمة الشحنة (النيوترونات هي عبارة عن إتحاد بروتون وإلكترون)، لكن في جميع الحالات الثلاث قد تكون الذرة متعادلة الشحنة أو متأينة وذلك عندما تفقد بعض إلكتروناتها من المدارات الخارجية لسحابة الإلكترونات السالبة، عندها تكون محصلة الذرة موجبة الشحنة، أما إذا ما فقدت الذرة كل إلكتروناتها فعندها نحصل على أنوية موجبة وإلكترونات سالبة تسبح بحرية غير متأثرة بقوة الجذب الكهرومغناطيسي من الأنوية الموجبة، في هذه الحالة تكون المادة بحالة البلازما أي بحر من الإلكترونات وبروتونات والأنوية المتأينة، وللوصول إلى حالة اللازما نحتاج إلى درجات حرارة عالية كما هو موجود بداخل الشمس، فدرجة الحرارة بداخل الشمس تزيد عن 15.5 مليون درجة كلفن، كما يمكننا الوصول إلى حالة البلازما على سطح الأرض من خلال عملية الإندماج النووي (Fusion) عندها تكون درجة الحرارة من 15 إلى 150 مليون درجة كلفن (Kelvin هي درجة الحرارة المطلقة حيث تكون درجة تجمد الماء أي صفر مئوية تعادل 273 كلفن).
توجد الثقوب السوداء في قلب المجرات كمجرتنا درب التبانة والتي يوجد بها ثقب أسود كبير يسمى Sagittarius A* وهو موجود بإتجاة كوكبة القوس، يقدر وزن الثقب الأسود الموجود بمجرتنا بأربعة آلاف كتلة شمسية (يستخدم الفلكيون كتلة الشمس كمقياس للحجوم حيث تقدر كتلة الشمس (Mass of the Sun = 1.99 X 10 E 30 Kg)، عند الحديث عن كتلة الثقوب السوداء يجب أن أن نتحدث عن التطور الحاصل لعملية موت النجوم والذي يأدي إلى تكون الثقوب السوداء في بعض الحالات كما سنرى.
تتعدد طرق الوصول إلى تكون ثقب أسود من نجم منهار بفعل قوة الجاذبية لكتلة النجم بإتجاة المركز، فعندما بنتهي الوقود الذي يشعل النجم لا تكون هناك قوة ضغط إشعاعية للخارج (Radiation Pressure) توازي قوة الجذب بإتجاه المركز والتي تقذف المواد بإتجاة خارج النجم، عندها تكون قوى الجاذبية هي الآعب الوحيد، لكن يجب ذكر أن النجم يبقى مضيء بفعل الطاقة الإشعاعية المتولدة من إندماج ذرتين هيدروجين لتكونان ذرة هيليوم، تستمر هذه العملية بإندماج الهيليوم بعد نفاذ الهيدروجين لتكوين مواد أكبر من حيث الوزن الذري لتتوقف العملية عندما نصل إلى الحديد والسبب هو أن الطاقة الأزمة لإندماج الحديد عالية جداً جداً، فعندما ينهار نجم وزنه أقل من أربع أضعاف كتلة الشمس نحصل علي قزم أبيض كما نري في حالة Sirius B في المثلث الشتائي، أما عند إنهيار نجوم أكبر من أربعة أضعاف وزن الشمس نحصل على نجوم نترونية كما في نجمة إبط كوكبة الصياد (Betelgeuse in Orion)، وفي حالة النجوم الكبيرة (أكبر من 15 حجم كتلة الشمس) نحصل على ثقب أسود، لكن يمكننا أن نحصل على ثقب أسود بحد وزن إبتدائي يساوي ثلاث أضعاف وزن الشمس.
شاهدنا في هذه العجالة كيف أن الثقوب السوداء ما هي إلاّ أجسام متمركزة حول نقاط تكثف جذب عالية تنشئ بفعل عملية إنهيار النجوم، هذا الإنهيار ناشئ من نفاذ الوقود النجمي من جراء تحول جميع ذرات الهيدروجين بإندماجها إلى ذرات الهيليوم والتي تندمج بدورها مكونة مواد أثقل إلى أن نصل إلى مادة الحديد، عند هذا الحد تنعدم قوى الضغط الإشعاعي الطاردة لخارج النجم وتسيطر قوى الجاذبية بإتجاة المركز، لتكون النتيجة تكون أقزام بيضاء أو نجوم نيوترونية أو ثقوب سوداء بحسب حجم النجم المنهار، كذلك شاهدنا أن الثقوب السوداء تتكون من مركز لا نستطيع الإتصال به محاط بحلقة الأفق والتي تكون البوابة إلى نقطة الا عودة، نستطيع التعرف على وجود الثقوب السوداء من خلال آثار قوة جاذبيتها الهائلة وكذلك من الجسيمات المنبعثة والأشعة السينية الساطعة حول أفق الحدث